بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
قال الله تعالى:
(ورتل القرآن ترتيلا)
وقال:
(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته)
******
قال(صلى الله عليه وسلم):
(إن الله يحب أن يقرأ القرآن كما أنزل)
وقال:
(تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد
تفصياً من قلــوب الرجــال من الإبــل من عقلها)
******
(أحكام تجويد القرآن على رواية حفص بن سليمان)
أقدمه
إليكم راجية الله سبحانه وتعالى أن يعلمني وإياهم من القرآن ما جهلنا، ويذكرنا ما
نسينا، ويرزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، ويجعلنا من الذين يتدبرون معانيه
ويهتدون بهديه، انه سميع مجيب.
إخوتي في الله:-
اعلموا- وفقكم الله - أن لتلاوة كتاب الله عز
وجل ميزتين، نستطيع عن طريقهما أن نميز قراءة القرآن الكريم وقراءة أي كتاب عربي
آخر.
أما الميزة الأولى، فهي ( الغنُّ أو الغنَّة )،
وأما الثانية، فهي ( المد الطويل الذي يزيد عن المد الطبيعي – أي إطالة المدة
الزمنية عند لفظ حرف المد، ومقدار هذه المدة ثلاث ثواني تقريباً)، والغن هو صوت
جميل يخرج من أعلى الأنف، يخشع له القلب، تطمئن له النفس.
والمد الطويل، يلفت انتباه السامع ويجعله يميل
إليه. كما يجعله يتأكد أن الإنسان الذي استعمل هذه الغن وهذا المد الطويل إنما كان
يقرأ القرآن الكريم؛ أي إذا رأينا أ حد الناس من بعد، يحمل كتابا- غير معروف
لبعدنا عنه – ويقرأ بصوت منخفض، ولم نسمع من قراءته سوى بعض الشيء من الغن والمد
الطويل، فيتبادر لنا- فوراً – انه يقرأ القرآن، وأما إذا لم يستعمل هاتين الميزتين
في قراءته، فلن نعرف ماذا يقرأ.
واليكم أمثلة على ذلك:-
نأخذ كلمة ينبغي مثلاً، فتقرأ: ( يمبغي )
فانقلبت النون ميماً حيث وقوع بعدها حرف الباء، وكذلك كلمة: حنبل، تقرأ: ( حمْبل )
وكذا التنوين في: وردةٌ بيضاء، يقرأ: ( وردتم بيضاء ) حيث انقلب التنوين إلى ميم،
والنون الساكنة في: نهيتكم عن رجال فاسقين. فإن لم تقبل...تلفظ : (عرِّجال.فإلم).
والتنوين في: تجنب كل شيءً يعاب. عرضت نصيحةً مني
لتحيا
، ويلفظ: ( شيئيعاب. نصيحتَمِّني ).
واعلم كذلك أن الميزتين المذكورتين تستعملان أيضا
في الأذان، وذلك في ألف ( لا ) عند قولك: أشهد أن لا اله إلا الله، هذا بالنسبة
للمد، وأما بالنسبة للغن، فهو في النون الميم المشددتين في قولك: أشهد أنّ محمداً
رسول الله، ولا يصح استعمالهما في غير القرآن والأذان- حتى لو كان ذلك حديثاً
نبوياً، أي لا يصح الغن والمد الطويل فيه، وذلك لئلا يلتبس الأمر على البساطة من
الناس، فيحسبون أن ذلك الحديث من القرآن الكريم، مثل: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما
لكل امرئ ما نوى...) فإذا استعمل الغن في النون المشددة في: إنما، وبالنيات، والمد
الطويل في: بالنيات- وقفاً، فقد يتوهم أن هذا قرآناً كريماً.
ونلقاكم في الدرس القادم( آداب وفضل ومراتب التلاوة للقرآن الكريم )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته